كل منا معرّض لصدمة في مرحلة ما من حياته، قد تنجم عن فراق أحد الوالدين أو الأقرباء، أو حادث خطير، أو اعتداء، أو مرض، أو حرب. وتظهر  آثار الصدمة من خلال الشعور بالألم والتوتر والغضب والإحباط، وتتفاوت المدة التي تبدأ فيها الأعراض بالظهور من شخص إلى آخر، وهذا ما يطلق عليه العلم “اضطراب ما بعد الصدمة”. لجميع هؤلاء نقول: الحياة فيها الكثير من المصاعب والتحديات، لكنها لكي تستمر بهدوء وسلام أكبر، علينا أن نعي ما أصبنا به ونتقبله، لكي نساعد أنفسنا على تحريره والتحرر منه.

وتشير الأبحاث إلى أن الأحداث الصادمة، يتم تخزينها في منطقة معينة بالدماغ، ولا تُمحى من الذاكرة حتى وإن لم يكن بمقدورنا أن نتذكر تفاصيلها المؤلمة، فإن لم نقف للحظة ونعترف بالمعاناة التي نمر بها، ونحاول البحث عن طرق لتجاوزها، ستكون آثارها سيئة على نفسية الإنسان وحياته، وقد تعيق استمرار العلاقات الأسرية والمجتمعية الصحية، بالإضافة إلى ما يرافق ذلك من انخفاض الإنتاجية والتركيز، وزيادة التوترات الحياتية مع المحيط لدى الشخص المصاب باضطراب ما بعد الصدمة.

هل تشعر بأعراض ما بعد الصدمة؟

أعراض الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة، تختلف من شخص إلى آخر، فالبعض ينكر ما يحدث له، أو يهرب من الحديث عنه، والبعض الآخر ينعزل عن الآخرين، ولا يشارك أفكاره ومشاعره مع أحد، لكن الأمل في الشفاء من الصدمات كبير جداً، فمع تطور العلم وتحضّر المجتمعات وتراكم التجارب الإنسانية، وبروز الكثير من التخصصات العلاجية الحديثة، أضحت هناك تقنيات نحتكم إليها في حالات كثيرة، لتخفيف الآلام وعلاج الحالات،  فإلى جانب الوسائل الطبية، يتوجب علينا أن نبحث في خفايا النفس عن القوى التي يمتلكها الإنسان للخروج من دوامة صدماته النفسية العميقة، حتى يتمكن من العبور إلى بر الحياة الآمن من الأوجاع..

وعلى الرغم من أن الإنسان يخفي آلامه أحياناً عميقاً في داخله، إلا أنه كذلك يكتنز طاقاته وقوته التي تمكنه بدافع النجاة وعدم الاستسلام للهشاشة والضعف، أن يتصالح مع الحادثة المروعة التي مرَّ بها، فدافع الحياة يبقى أقوى لدى أولئك الذين تضررت أجسادهم وأرواحهم من جراء التجارب القاسية والعنيفة، مثل الذين فقدوا أعز الناس إلى قلوبهم في لحظات كانوا فيها في أمسّ الحاجة إليهم، أو اللواتي تعرضن للإغتصاب أو التحرش أو العنف العائلي والمجتمعي بأنواعه.

علينا أن ندرك أنه بعد انتهاء الموقف، تبقى الترسبات عالقة في مياه النفس، فيشعر الشخص بالخوف والتهديد ربما، عبر كوابيس ليلية، أو كآبة عميقة، أو حين يتصادف وجوده في مكان مشابه لمكان وقوع الحادثة، أو توقيت معين مصحوب بإشارات تسترعي انتباهه إلى وقت الحادثة، فإلى جانب العلاجات الطبية، ينصح الأطباء والمختصون في العالم، بممارسة التأمل وتمارين اليقظة الذهنية التي تعتبر من العناصر المساعدة في التصالح مع الذات والطبيعة والمجتمع، فبممارستها باستمرار، تبدأ مشاعر الخوف والغضب والحزن في الاختفاء تدريجياً، وهنا لا بد من تقييم الحالة من خلال بعض مظاهر الشفاء ومنها:

  • طرد تلقائي وذاتي لأي فكرة تذكرنا بالحادثة المؤلمة.
  • حين تصبح الذكريات المؤلمة مجرد أطياف بعيدة وغائمة.
  • اختفاء مظاهر شعورنا بأننا ما زلنا تحت التهديد والخوف.

تأملات التحرر من الصدمة

ارتأت توازن أن تكون أول من يطرح في منطقة الشرق الأوسط، تأملات خاصة بالتحرر من الصدمة، لتساعد متابعيها من المتأملين على الشعور بالراحة، ومحاولة تحويل الأفكار السلبية إلى إيجابية، مما يخفف من ألم الصدمة، ويجعل حياة من يعاني من آثارها أكثر هدوء وأمان، وربما تصبح مع الوقت أكثر متعة.