لعل النسيان هو المفهوم الأول الذي يخطر على بالك عند سماع مصطلح الذاكرة النفسي، ولكن ما طبيعة ودرجة هذا النسيان، يناقش هذا المقال المقصود بهذا المصطلح، وأسباب فقدان الذاكرة النفسي.

ماذا يُقصد بفقدان الذاكرة النفسي؟

يُعرف أيضًا بفقدان الذاكرة الانفصالي (بالإنجليزية: Dissociative Amnesia) وهو أحد الاضطرابات الانفصالية التي يصعب فيها تذكّر الشخص للذكريات الشخصية المهمة نتيجة حدَث صادم يتعرّض له، فقد ينسى المعلومات الأساسية الخاصة به كالاسم، وتاريخ الميلاد، والعائلة أو الأصدقاء لذا قد يفوق مفهوم النسيان الطبيعي، وهذا يعود لوجود خلل في الوظائف العقلية كالوعي والذاكرة والإدراك، مما يؤثر على نشاطه اليومي وعلاقاته مع الآخرين. 

ولكن، كيف يختلف مفهوم فقدان الذاكرة النفسي عن فقدان الذاكرة البسيط؟ 

ينطوي فقدان الذاكرة النفسي أو الانفصالي على حدوث فجوة مفاجأة في الذاكرة لفترات طويلة أو الذاكرة التي تتعلق بالأحداث الصادمة؛ فالذكريات موجودة ولكنها تكون مدفونة في العقل، حيث يصبح من الصعب تذكرها، لذا توجد فرصة لاستعادتها من تلقاء نفسها أو إذا تعرض الشخص لمثيرات في محيطه تحفزها على العمل من جديد. 

ما هي أسباب فقدان الذاكرة النفسي؟

تُعزى أسباب فقدان الذاكرة النفسي إلى العوامل النفسية أكثر من العوامل الجسدية كالتعرّض للصدمات بالدرجة الأولى، وتتنوع الأحداث الصادمة التي قد يتعرض لها الشخص وتسبب اضطراب ما بعد الصدمة PTSD أو فقدان الذاكرة النفسي، مثلًا مواجهة الحروب، أو التعرّض للاعتداء الجسدي أو الجنسي، أو المرور في أحداث الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات، أو مشاهدة جريمة عنيفة أو يكون ضحية لها. 

يمر الدماغ في مرحلة الصدمات وما بعدها بإجهاد وضغوطات شديدة، يحاول معها التأقلم أو فصل نفسه عن هذه الذكريات والتجارب الأليمة، لذا قد يصل إلى حالة يصعب فيها تذكر واستعادة المعلومات الشخصية المتعلقة به كوسيلة لحماية الشخص. 

 توجد أسباب أخرى تحدث فيها حالة فقدان الذاكرة النفسي وهي كالآتي:

  • الأمراض النفسية

ترتبط الحالات النفسية بالإصابة بأحد الاضطرابات النفسية الشديدة مثل، اضطراب ما بعد الصدمة، واضطراب الاكتئاب، واضطرابات القلق، واضطراب النوم وتقلبات الشخصية وغير ذلك. 

  • الأسباب الوراثية

قد تلعب الجينات والوراثة في التعرّض لحالات فقدان الذاكرة النفسي بأنواعه، فينتقل عن طريق الوالدين أو الأقارب. 

تعاطي المخدرات والكحول يسبب آثارًا جسدية ونفسية تؤدي إلى حالة من فقدان الذاكرة النفسي. 

كيفية علاج فقدان الذاكرة النفسي

يهدف علاج المصابين بفقدان الذاكرة النفسي إلى تعزيز قدرتهم على التعامل بأمان مع الأحداث الأليمة والذكريات الصادمة، وتطوير مهارات التأقلم لديهم وإدارة مشاعرهم بشكل أفضل وتحسين علاقاتهم مع الآخرين، وذلك من خلال العلاج النفسي بالكلام، والعلاج السلوكي المعرفي والذي يعتمد على تغيير نمط التفكير والسلوك والشعور لديهم، وكذلك الاستعانة بالتنويم المغناطيسي. 

يمكن الاستفادة بشكل فعّال من تقنيات التأمل والاسترخاء المختلفة في علاج حالات فقدان الذاكرة النفسي، وذلك برفع مستوى الوعي الذاتي وزيادة القدرة على التحكم والسيطرة على المشاعر والأفكار، والتركيز في اللحظة الحاضرة بعيدًا عن تجارب الماضي المزعجة، وتتنوع تمارين التأمل من اليقظة الذهنية، وتمارين التنفس العميق، وكذلك تمارين الاسترخاء التي تعزز الشعور بالراحة والهدوء، وتخفف من القلق والتوتر والضغط النفسي المتراكم، كما أنها تقلل من اضطرابات النوم وتحسن جودته.