لا شك أن أعظم دور يمكن أن تقوم به كرجل أو امرأة هو الأبوة والأمومة اليقظة؛ فهي المسؤولة عن بناء أجيال واعية وسويّة عقليًّا وجسديًّا.
ما هي أبعاد الأبوة والأمومة اليقظة؟
يُقصد بدايةً بالأبوة والأمومة اليقظة بأنها متابعة الأطفال والاهتمام بهم وتقديم لهم الرعاية والتربية على حدٍ سواء.
نعم صديقي، الرعاية والتربية هما بعدان أساسيان في مفهوم الأبوة والأمومة اليقظة، دعنا نفصّلهما كلًا على حدة؛ فالرعاية هي متابعتهم والاهتمام بإطعامهم ومظهرهم، وتوفير المسكن المناسب لهم ومساعدتهم على حل الواجبات، أما مفهوم التربية فهو أعمق وأشمل وأهم في منظومة الأسرة وبناء الأجيال الواعية.
فما هو مفهوم التربية إذن؟
تقوم التربية على خمس أمور رئيسية كالآتي:
- بناء القناعات: حيث تشتمل القناعات على ترسيخ المبادئ والقيم في الطفل منذ نعومة أظفاره والتي يحتاجها في حياته واختياراته المستقبلية، إضافةً إلى بناء الطموحات والمساعدة على فهم الحياة بشكلها الإيجابي والسلبي.
- توجيه الاهتمامات: وهي توجيه الطفل بشكل سليم لتحديد اهتماماته التي تساعده على معرفة كيف يقضي وقته بطريقة منتجة وصحية.
- تنمية المهارات: من خلال دور الأبوة والأمومة اليقظة يمكن تنمية مهارات الطفل بأنواعها المختلفة وهي: العقلية، والاجتماعية، والإدارية، والعلمية، والفنية، والرياضية وغير ذلك المزيد.
- فهم قواعد العلاقات: وتتضمن التربية بناء الأساسيات السليمة ليعرف الطفل كيف يتقبل الآخرين ويبني علاقات اجتماعية وصداقات جيدة وكيف ينهيها ويُصلحها.
- اختيار القدوات: وتتمثل في معرفة المُثل العليا التي يتمنى الطفل أن يصبح مثلهم، وفهم القواعد التي تحكم التعامل مع هذه القدوات.
الأبوة والأمومة اليقظة.. عاطفيًّا
تعتبر العواطف والمشاعر عاملًا مهمًا لبناء طفل واثق من نفسه، وسوي نفسيًّا بعيدًا عن الاضطرابات النفسية التي قد يحملها إلى أقرانه والآخرين من حوله، وذلك من خلال تعزيز تبادل الحب والتواصل معه واحترام ذاته وتقدير نجاحه وإنجازاته؛ فهذا يساعد على تنمية الذكاء العاطفي لديه والتي تبني طفلًا سعيدًا وناجحًا على المدى الطويل.
ومن الأمور البسيطة التي يجب الانتباه إليها واتباعها مع طفلك ما يأتي:
- تعزيز التواصل البصري لديه، احرص على النظر إلى عيني طفلك وتبادلها معه؛ فهذا يقوّي من شخصيته وينمي ثقته بنفسه، إضافةً إلى تحفيز مهارة التواصل والاتصال مع نفسه والآخرين.
- ساعد طفلك على التعبير عن نفسه ومشاعره بالكلمات؛ فهذا يساهم في فهم ما يشعر به حقًا وبناء رابطة قوية بينكما.
- أظهر الحب لطفلك، من خلال تبادل العناق والقُبلات بشكل مستمر، وكذلك التواصل الجسدي مثلًا احضن وجهه، امسك يده وهكذا.
- كن مستمعًا جيدًا إلى طفلك، دعه يخبرك عن ما يزعجه واستمع له دومًا، واثني عليه بعبارات تحفيزية وتشجيعية.
- اجعل طفلك يمارس التأمل؛ فهو يساعده على رفع مستوى الوعي الذاتي لديه، ومعرفة كيف يتحكم في مشاعره ويديرها بشكل صحي وسليم.
الأبوة والأمومة في عالم التكنولوجيا السريع
تصعب مهمة الأبوة والاموة اليقظة مع انتشار الهواتف الذكية وحدود التكنولوجيا اللامنتهية، ووسائل التواصل الاجتماعية التي أصبحت تغزو البيوت وغرف الأطفال بشكل كبير جدا دون رقابة ومتابعة، إذ إن التربية يجب أن تكون حازمة لتواكب هذه السرعة الرقمية المخيفة، وتضع حدودًا وقِيمًا للطفل منذ نشأته يعود إليها عند الدخول في هذا العالم الواسع والشائك.