لا شك بأن التعرض إلى صدمة ما يؤثر في جوانب مختلفة من صحة الفرد، منها النفسي والذهني وحتى العضوي، وذلك حتى إن لم تكن الصدمة جسدية، بل كانت نفسية. وفي هذا المقال سنعرف كيف تؤثر الصدمة على الذاكرة؟
كيف تؤثر الصدمة على الذاكرة؟
قبل أن نشرع بالحديث عن كيف تؤثر الصدمة على الذاكرة؟ من المهم أن نشير إلى أن الحصين (Hippocampus) الذي يعرف أيضا بقرن آمون، واللوزة الدماغية (Amygdala)، هما منطقتان في دماغ لهما دور رئيس في تخزين الذكريات واسترجاعها. وعند التعرض إلى صدمة ما، تتأثر هاتان المنطقتان، الأمر الذي يؤدي إلى ترسيخ الذكريات المرتبطة بالصدمة.
وهذا يظهر بوضوح عند حدوث ما يعرف بالذكريات المستحضرة (Flashback memories)، فبعد الصدمة، تعاود ذكرياتها مهاجمة الفرد وكأنه يعيشها بتفاصيلها الكاملة. ويشمل تأثير الصدمة في الذاكرة حدوث تجزؤ في الذكريات، فبعض تفاصيل الصدمة قد تختفي تماما من الذاكرة، في حين تترسخ أخرى فيها بقوة. وذلك يحدده مقدار هرمونات الضغط النفسي وأوقات إطلاقها أثناء الصدمة.
وقد تؤدي الصدمة في حالات أخرى إلى فقدان الذاكرة، وهذه تعد حيلة دفاعية يلجأ إليها الدماغ لوقاية نفسه من تأثيرها المؤلم. وينقسم هذا التأثير في الذاكرة إلى الأقسام الآتية:
- فقدان الذاكرة الانفصالي (Dissociative amnesia): وهو اضطراب نفسي يؤدي إلى فقدان القدرة على تذكر معلومات مهمة عن الذات نتيجة للتعرض إلى صدمة نفسية أو الوقوع تحت ضغط نفسي عالي الشدة.
- الانفصال النمطي (Pattern separation): وهي عملية يدخل بها الدماغ للتمييز بين التجارب والأحداث المتشابهة، وعند التعرض إلى صدمة ما، فإن هذه العملية تضطرب، وذلك يؤدي إلى تعميم شعور معين على التجارب المتشابهة مع اختفاء بعض التفاصيل التي تميز بين تجربة وأخرى من الذاكرة.
- الكبت (Repression): رغم أن نظريات علم النفس القديمة كانت تشير إلى أنه من الممكن أن يحدث كبت كامل لذكريات الصدمة، فقد تبين مؤخرا أن الكبت يكون جزئيا فقط وتبقى بعض ذكريات الصدمة عالقة في الذهن.
- إنكار الصدمة (Trauma denial): تملك هذه الحيلة الدفاعية القدرة على جعل الذكريات المتعلقة بالصدمة تنسى وتعامل بالذاكرة على أنها غير مهمة.
هل يمكن علاج تأثير الصدمة في الذاكرة؟
نعم بالتأكيد، فعلاج هذه التأثيرات ممكن بأساليب مختلفة، وذلك يتطلب الاستعانة باختصاصي الصحة النفسية لتحديد الأسلوب العلاجي المناسب لكل حالة على حدة. وتتضمن أبرز أساليب العلاج النفسي المستخدمة لمواجهة الصدمات الآتي:
- العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive Behavioral Therapy – CBT).
- العلاج السلوكي الجدلي (Dialectical Behavior Therapy – DBT).
- العلاج بالتعرض المطول (Prolonged Exposure Therapy – PET).
- إزالة التحسس وإعادة المعالجة بحركة العين (Eye Movement Desensitization and Reprocessing – EMDR).
ما دور التأمل في مواجهة تأثير الصدمة؟
تعمل ممارسة التأمل على تهدئة الجهاز العصبي وذلك يسهم في السيطرة على استجابة الكر والفر (Fight-or-flight response) التي تصاحب التعرض إلى الضغط النفسي والصدمات، وذلك يؤدي بدوره إلى التخلص من الأعراض الناجمة عنها، من ذلك تأثيراتها في الذاكرة.
وقد أصبح التأمل يستخدم ضمن أساليب علاج اضطراب ما بعد الصدمة (Post Traumatic Stress Disorder – PTSD). وللتعرف على أهم المعلومات عن أنواع التأمل المختلفة والاستفادة من بودكاست وتأملات عديدة، ننصحك بتحميل تطبيق توازن.