لعل الوحدة أو العزلة الاجتماعية أصبحت تشكل مشكلة حقيقية في مجتمعاتنا اليوم، لذا من الضروري معرفة ماذا يحدث في الدماغ عندما تكون وحيد.
ماذا يحدث في الدماغ عندما تكون وحيد.. نظرة عن قُرب
يمكن تعريف الشعور بالوحدة بأنها وظيفة في الجسم تمامًا كالشعور بالجوع أو العطش؛ فعندما تجلس بمفردك لوقتٍ طويل فإن جسمك يُفعّل الشعور بالوحدة ليخبرك أنك بحاجة للاقتراب من الآخرين والتواصل معهم لتعيش وتستمر في الحياة، وهذه هي فطرة الإنسان في التعرّف على الثقافات الأخرى والاتصال مع غيره لتنمية مهاراته الاجتماعية والفردية.
ولعلك تتساءل ماذا يحدث في الدماغ عندما تكون وحيدًا؟
يستجيب الدماغ إلى الضغوطات والتوتر بصورة مختلفة عندما تكون وحيدًا؛ ولك أن تتخيل أن أثر الشعور بالوحدة على الدماغ كأثر الشعور بالألم المعتاد وكأن الوحدة الشديدة تجعلك تتألم حقًا كألم الجرح أو الضرب، كما أن الدماغ في جوهره يعمل بجدية أكبر وكفاءة أعلى عند التواصل مع الآخرين ومبادلتهم الثقة والدعم النفسي.
مشاعر الوحدة تجعل دماغك مرهقًا وبالتالي يزيد من إفراز هرمونات التوتر والقلق، لذا فإن الجسم يستجيب لحالات الضغط بشكل أعلى مما لو كان محاط بأشخاص جيدين وإيجابيين، فلو كنت لوحدك وتعرضتَ لموقفٍ يشوبه نوعًا من الخوف أو التهديد فإنك سترى إشارات التهديد بنحوٍ مختلف مما لو كان شخص قريب منك يُمسك بيدك ويهدّئ من روعك، إذ إن هذه الإشارات ستكون أقل حدة وبالتالي ستتدفق كمية أقل من الدم في الدماغ لتتجه إلى الأجزاء المسؤولة عن التعامل مع مثل هذه المواقف وهذا بدوره يُحسن من طبيعة سلوكك وتصرفاتك تجاهها.
الآثار المترتبة عن الشعور بالوحدة
يعتبر العيش في الوحدة أمرًا يدعو إلى القلق والخوف وتحديدًا عندما تكون الوحدة أو العزلة الاجتماعية سمة من سمات الشخصية وتستمر لفترات طويلة، وأثبت العلماء أن مخاطر الشعور بالوحدة قد تعادل أو تفوق المخاطر الصحية للسمنة أو تدخين 15 سيجارة يوميًّا!
وتوجد بعض الآثار الصحية والنفسية للشعور بالوحدة كما يأتي:
- يتعرّض الشخص الوحيد لخطر الإصابة بالاضطرابات النفسية كالاكتئاب أو القلق الاجتماعي أو غير ذلك بفرصة أكبر من غيره.
- تزيد فرصة الإصابة بالخَرف وتعجّل بالشيخوخة.
- تزيد فرصة الإصابة بمرض الزهايمر.
- تجعل الإصابة بمرض السرطان أكثر خطورة.
- يميل الشخص الوحيد لاستحضار ذكريات الماضي الأليمة وبالتالي الشعور بالقلق النفسي والتوتر بشكل مستمر.
- تجعل الشخص يفكّر في الانتحار.
كيفية التخلص من الشعور بالوحدة
إليك بعض النصائح التي تساعدك على التحرر من الشعور بالوحدة كما يأتي:
- تعزيز الشعور بالقيمة الذاتية: فلا تربط عزيزي قيمتك ونظرتك لنفسك بأيٍّ كان وابتعد عن اختزال مفهوم السعادة بشخصٍ معين، واجعل الشعور بالوحدة في فتراتٍ ما متعة بالنسبة لك وفرصة للخلوة بنفسك ومراجعة قراراتك، واجعل الشعور بالاجتماعية والتقرّب للآخرين متعة أيضًا؛ فهذا يساعدك على التحفيز الذاتي ورفع شعور الامتنان والتقدير نحو ذاتك ونحو الآخرين من حولك.
- إدراك التأثير السلبي للوحدة: للتخلص من الشعور بالوحدة لا بد بدايةً من إدراك التأثير النفسي والجسدي السلبي لتنهض بنفسك، وتذكر أن الشعور بالوحدة لا يعني قلة وجود الناس من حولك، وإنما هو شعور نفسي ينبعث من داخلك لأسباب أنت تدركها تمامًا.
- التطوع في الأنشطة الخيرية: يساعدك التطوع على كسر الشعور بالوحدة وتعزيز الشعور بالسعادة، من خلال القيام بأعمال خيرية للآخرين دون انتظار مقابل مادي منها.
- القراءة بشكل منتظم: خصّص جزء من يومك للقراءة؛ فهي تساهم في تطوير قدراتك وخبراتك وتُطلعك على عالَم رائع من القصص والحكايا القيّمة.