طرح كل من إدوارد سابير وبنيامين لي وورف، عالما اللغة الأمريكيين، فرضية تقول: “إن اختلاف اللغة يفضي إلى اختلاف طريقة التفكير”، وبالتالي فإن اللغة تؤثر في طريقة تفكير أفراد المجتمع، لكن السؤال الآن:  كيف تؤثر اللغة في الناطقين بها، وهل تغير نظرتهم إلى الحياة؟

سنتحدث بداية عن فرضية سايبر-وورف “النسبية اللغوية”، التي تدور حول أن اللغة التي يتحدث بها الفرد، تحدد أفكاره وأفعاله، فاللغة والمفردات التي يختارها للتعبير عن نفسه، هي مرآة لطريقة تفكيره وإدراكه.

دور اللغة في العلاج النفسي

يركز المحلل النفسي الفرنسي “جاك لاكان”، على دور الكلمة في مجال التحليل النفسي والتي تشكِّل المنطلق الأساسي في العلاج، حيث هي الوسيلة لفهم ما يدور داخل النفس الإنسانية، فاللغة هي أداة الأخصائي النفسي لعلاج الحالة، حيث يتمكن من خلال اللغة أن يوصلها إلى وعيها الذاتي.

إذن، فاللغة هي من مكونات اللاشعور عند الإنسان، كما يقول “لاكان”، وبالتالي لا يمكن فك شيفرة النفس بلا لغة، وهنا يتضح أن للغة الأم دور جوهري في تكوين الفكر، وبالتالي تكوين العلاقة بين الكائن ومحيطه والطبيعة، وحتى التكنولوجيا والفن والأدب.. بمعنى أنها هي التي تحدد طبيعة تفاعل الإنسان مع المحيط، ولو سافر أو رحل الفرد إلى مكان آخر وتعلم لغة أخرى، فإن اللاشعور يبقى فاعلاً، ويعكس مكونات التفكير باللغة الأم، وعليه فإن الشخص لا يمكن أن يفكر تفكيراً مجرداً وحيادياً بعيداً عن ثقافته بلغته الأم.

اللغة الأم وأهميتها العاطفية

لقد أظهرت الأبحاث أن اللغة الأم لها أهمية عاطفية أيضاً، من حيث استخدامها في التعبير عن المشاعر وفهمها، والوصول إلى الذكريات المختزنة عميقاً في الذاكرة. وبناء على ذلك، فإن اللغة تلعب دوراً مهماً في العملية العلاجية.

السؤال الآن، هل يمكن أن تكون رحلة العلاج فعالة إذا لم تكن اللغة الأم هي المستخدمة؟

تحتل اللغة الأم مكانة مهمة في العلاج النفسي، من حيث دورها في استرجاع الذاكرة والوصف والفهم العاطفي ، فهي جميعها وثيقة الصلة بالسياق العلاجي.

وعندما يتم العلاج النفسي بلغة اكتسبها الشخص المنتفع لاحقاً في حياته، فمن المحتمل أن يكون التواصل العاطفي محدوداً، مقارنة بالعلاج النفسي بلغته الأولى، فاللغة الجديدة هي أداة دفاعية مستخدمة في بعض الأحيان، لتجنب المشاعر والذكريات المؤلمة، والتي من الضروري طرحها وعدم الهروب منها، من أجل نجاعة العلاج.

ثراء اللغة العربية واستخدامها في تطبيق توازن

اللغة الأم هي الطريق المثلى للوصول إلى العالم الداخلي للإنسان، ولأفكاره ومشاعره. وتتميز اللغة العربية بتنوع مرادفات الكلمات، بمعنى أن الكلمة الواحدة تحمل أسماء عدة، فتشجع بعض المفردات مثلاً على الإبداع والتأمل، بينما لا تنجح لغات أخرى في استيعاب كل تلك المفردات، وبالتالي ينعكس ذلك كله على ثقافة المتحدثين.

وبناء على ما تقدم، اختار توازن اللغة العربية ليكون التطبيق الذكي الأول للتأمل باللغة الأم في العالم العربي، ويقدم لجمهوره مجموعة علمية من التأملات الموجهة وتأملات اليقظة الذهنية التي استهدفت جميع الفئات العمرية، باستخدام أحدث تقنيات التأمل والمحتوى المبتكر.

وجاء اختيار اللغة العربية أيضاً، حتى يتمكن كل إنسان عربي من الوصول إلى ذاته الداخلية من جهة، ومن فهم المدرب أو المعالج، والنهج العام الذي يتبعه، والتفسيرات الثقافية والتنموية من جهة أخرى، فالتأمل باللغة العربية، يحاكي الذات ويتوغل عميقاً فيها، بما يمكن الإنسان العربي من الاستفادة من التمرينات، وتحقيق أهدافه المرجوة من التأمل.

من الجدير بالذكر، أن توازن يهدف إلى تحسين جودة الحياة للناطقين باللغة العربية في جميع أنحاء العالم.