يمكن لبعض الأحداث في حياتنا أن تحفز مزيجاً من المشاعر القوية والمتفاوتة في وقت واحد، فمثلاً عند ولادة طفل جديد قد ينتج عن ذلك خليط من مشاعر الحب والقلق والخوف والترقب، كما قد ينتج عن هذه الأحداث ما هو أكبر من ذلك مثل الاكتئاب بعد الولادة.
فما هو هذا الاكتئاب وما هي أهم أعراضه! دعونا نتعرف عليه في هذا المقال.
الاكتئاب بعد الولادة
الاكتئاب بعد الولادة هو شكل من أشكال الاكتئاب الشديد الذي يحدث لبعض النساء في غضون أربعة أسابيع بعد الولادة، وهو عبارة عن خليط معقد من التغيرات العاطفية والجسدية والسلوكية، ولا يعتمد تشخيص اكتئاب بعد الولادة على الفترة الزمنية بين الولادة وبدء الحالة فقط، بل على شدة الاكتئاب.
يختلف هذا النوع من الاكتئاب عن الكآبة النفسية التي تصيب معظم الأمهات بعد ولادتهنّ، والتي يبدأ الإحساس بها في أول يومين إلى ثلاثة أيام بعد الولادة، وقد تستمر لمدة أسبوعين، وتشمل تدني المزاج والقلق ونوبات البكاء وصعوبة النوم.
أعراض الاكتئاب بعد الولادة
تظهر الأعراض عادة خلال الأسابيع القليلة الأولى بعد الولادة، ولكنها قد تبدأ في وقت مبكر أثناء الحمل أو حتى بعد الولادة بمدة طويلة قد تصل إلى عام، ومن أهم هذه الأعراض ما يأتي:
- تقلبات مزاجية ومشاعر اكتئاب حادة
- البكاء المفرط
- صعوبة الترابط مع الطفل أو الإحساس بمشاعر تجاهه
- الانعزال عن العائلة والأصدقاء
- فقدان الشهية أو الأكل أكثر من المعتاد
- عدم القدرة على النوم (الأرق) أو النوم لفترات طويلة
- التعب الشديد أو فقدان الطاقة
- انخفاض القدرة على الاستمتاع بالأنشطة التي كانت ممتعة سابقاً
- التهيج الشديد والغضب
- الإحساس بالذنب تجاه الطفل
- اليأس
- الشعور بانعدام القيمة أو الخزي أو الذنب أو النقص
- ضعف القدرة على التفكير بوضوح والتركيز واتخاذ القرارات
- القلق الشديد ونوبات الذعر
- أفكار لإيذاء النفس أو الطفل
- الأفكار المتكررة عن الموت أو الانتحار.
أسباب الاكتئاب بعد الولادة وعوامل الخطر
الأسباب
لا يوجد سبب واحد لاكتئاب ما بعد الولادة، ولكن المشكلات الجسدية والنفسية الآتية قد تكون سبباً في ذلك:
- الهرمونات: قد يتسبب الانخفاض الحاد في هرمونات الإستروجين والبروجسترون عند النساء بعد الولادة في الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، كما قد تنخفض الهرمونات الأخرى التي تفرزها الغدة الدرقية بشكل كبير، مما يؤدي إلى الشعور بالركود والتعب والاكتئاب.
- قلة النوم والإرهاق: قد تكون قلة النوم سبباً في العديد من المشاكل بدءاً من أبسطها مثل عدم القدرة على التعامل مع الأمور الحياتية إلى المشاكل الأكبر كالشعور بالاكتئاب.
- القلق: قد يتسبب القلق الذي يصاحب المرأة عند تفكيرها برعاية طفلها بصورة مفرطة بحدوث مشكلة الاكتئاب.
- النظرة الذاتية: قد تساهم المشاعر السلبية تجاه الذات بعد الولادة مثل عدم الرضا عن الشكل، والإحساس بعدم السيطرة على الحياة، والتفكير المفرط بمشاعر الأمومة بالإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.
عوامل الخطر
من أهم العوامل التي قد تزيد من احتمالية الإصابة باكتئاب بعد الولادة ما يأتي:
- تاريخ من الاكتئاب قبل الحمل أو أثناء الحمل
- العمر في وقت الحمل (كلما كان العمر أصغر كانت احتمالية الإصابة أكبر)
- الأطفال (كلما زاد عدد الأطفال زادت احتمالية الإصابة بالاكتئاب في فترة الحمل المتأخرة)
- تاريخ عائلي من اضطرابات المزاج
- المرور بأحداث صعبة للغاية مثل فقدان الوظيفة أو الإصابة بأزمة صحية
- إنجاب طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة أو المشاكل الصحية
- إنجاب توأم أو ثلاثة توائم
- وجود تاريخ من الاكتئاب أو الاضطراب المزعج السابق للحيض (PMDD)
- الدعم الاجتماعي المحدود
- العيش بشكل وحيد
- الخلافات الزوجية.
علاج الاكتئاب بعد الولادة
يعدّ الإسراع في علاج الاكتئاب بعد الولادة أمراً ضرورياً ومهماً، فكلما تلقت النساء المصابات العلاج بشكل أسرع كان التعافي أسرع.
يعدّ علاج هذا النوع من الاكتئاب فعّالاً ومُجدياً في معظم الحالات، فبمجرد تشخيص الحالة يصف الطبيب مزيجًا من العلاج النفسي والأدوية، وتتضمن النصائح للمساعدة في دعم التعافي ما يأتي:
- الاعتراف بالمشكلة
- الانفتاح على أي مشاعر
- الحصول على المساعدة من الأصدقاء والعائلة
- الانضمام إلى مجموعات الدعم، والتي يمكنها تقليل الشعور بالعزلة وتوفير الأدوات والاستراتيجيات المفيدة.