هل تساعدك أفكارك على اتخاذ القرارات الصائبة؟ هل تبقى مستيقظًا للتفكير في سيناريوهات سيئة؟ وهل التفكير الزائد مرض نفسي؟
عن قُرب .. هل التفكير الزائد مرض نفسي؟
إذن عزيزي، التساؤل الأهم في هذا المقال هو “هل التفكير الزائد مرض نفسي أم لا؟ وما هو مفهوم التفكير المزمن؟
التفكير الزائد لا يعتبر مرضًا أو اضطرابًا نفسيًّا بحد ذاته، ولكنه يمكن أن يساهم في الوصول إلى اضطرابات نفسية متعددة كاضطراب الاكتئاب، أو اضطرابات القلق، أو اضطراب الوسواس القهري وغير ذلك؛ فالإفراط في التفكير يسبب القلق والتوتر، واضطرابات في النوم والأكل، والتركيز على الأخطاء والأفكار السلبية التي تسبب الإحباط والبقاء في بوتقة الماضي الضيقة وعدم القدرة على الخروج منها.
ماذا يُقصد بالتفكير الزائد؟
يعرّف التفكير الزائد بأنه مناقشة العقل لفكرة معينة ثم اجترار المزيد والمزيد من الأفكار المقلقة والمزعجة دون الوصول إلى حل منطقي، بحيث تصبح غير قادر على اتخاذ القرارات لأي مشكلة أو موقفٍ كان، ولعل الصفة المميزة في التفكير الزائد أنه غير منتج؛ أي أنك لن تستطيع إنتاج أي عمل أو الوصول إلى أي نتيجة مُرضية في ظل هذا التفكير المزمن.
يكمن التفكير المفرط في المواقف الماضية أو القلق والخوف بشأن المستقبل، وتنسى تمامًا اللحظة الحاضرة التي تعيشها وتفقد التركيز عليها، لذا تشعر وكأنك محبوس في غيمة من هذه الأفكار التي لا جدوى منها، ويترافق معها التفكير في أسوأ السيناريوهات وتخيلها واقعة لا محالة مع أنها تكون في أغلب الأحيان لا وجود لها، وتجدر الإشارة إلى أن ليس كل الإفراط في التفكير سيئًا فقد يكون دافعًا للإنجاز والعمل، ولكن العلامة الفارقة هنا إعاقة العمل بسبب هذا التفكير، وعدم القدرة على الإنتاجية واتخاذ القرارات الصحيحة، والبقاء في دوامة من الأفكار الفارغة.
معالجة التفكير الزائد
توجد طرق متنوعة لعلاج التفكير الزائد والتخلص منها، ولعل العلاج الأكثر فعالية هو الذهاب إلى الطبيب أو الأخصائي النفسي واتباع نظام العلاج السلوكي المعرفي وفقًا لتعليمات الطبيب، فهذا النوع من العلاجات يعتمد على تعزيز مهارة التأقلم وتحدي الأفكار التي تراودك مرارًا وتكرارًا، وبالتالي التخفيف من الشعور بالقلق حيال هذه الأفكار.
يمكن الاستعانة بالقراءة، أو تدوين الملاحظات والأفكار التي تدور في رأسك باستمرار للتخلص منها تباعًا قبل اجترار المزيد منها، كما يمكن ممارسة تقنيات التأمل المختلفة والتي تساعد بشكل فعّال في التخفيف من القلق والتوتر والشعور بالضغط جرّاء هذه الأفكار، وذلك بخلق حالة من الهدوء النفسي والسلام الداخلي واليقين بنفسك ولكل ما تملك في حياتك.
يحتاج التأمل للقليل من الانتظام والالتزام في ممارسته، وتوجد العديد من التمارين البسيطة التي يمكن تأديتها بشكل يومي صباحًا أو مساءً؛ فمثلًا تمارين التنفس بأنواعها كالتنفس العميق فهي تمكنك من الشعور بالتحسّن والتنفس بكفاءة أفضل، كما يمكن ممارسة تمارين اليقظة الذهنية والتي ترفع من مستوى الوعي الذاتي لكل فكرة في عقلك وكل موقف يحدث في حياتك، وتجعلك أكثر يقظةً ووعيًا وحكمةً في التعامل مع الإفراط في التفكير، كما أنها تزيد مستوى التركيز في اللحظة الحاضرة بعيدًا عن تجارب الماضي وتنبؤات المستقبل التي تستهلك طاقتك وتستنفذها.