هل فكرت يومًا ما إذا كان التسامح ضعف أم قوة؟ إليك المقال التالي الذي يوضح الفرق.

قال الإمام الشافعي أبياتًا جميلة عن التسامح: إِذا سبَّني نَذلٌ تَزايَدتُ رِفعَةً .. وما العَيبُ إِلا أَن أَكونَ مُسابِبُه

وَلَو لَم تَكُن نَفسي عليَّ عَزيزةً .. لَمَكَنتُها من كُلِّ نَذلٍ تُحاربُه

ولو أَنَّني أَسعى لِنَفعي وَجَدتَني .. كَثيرَ التَواني للَّذي أَنا طالِبُه

وَلَكِنَّني أَسعى لِأَنفَعَ صاحِبي .. وَعارٌ على الشَبعانِ إِن جاعَ صاحِبُه

يعد التسامح من الصفات الحميدة التي ترفع وتُعلي من شأن صاحبها، ويدور محور النقاش في هذا المقال على تساؤل “هل التسامح ضعف أم قوة؟ ” 

التسامح ضعف أم قوة.. عن قُرب

دعنا نتفق بدايةً على أن التسامح قوة وهو من الأخلاق الجيّدة والصفات الجميلة التي يتصف بها الإنسان؛ فالتسامح الحقيقي ليس ضعفًا ولا يعني الاستسلام وقبول الأذى أو الظلم على النفس أو الآخرين، كما أن الشخص المتسامح يمتلك العديد من المهارات الأخرى مثل القدرة على تحليل الموقف أيًّا كان بهدوء وصبر ويقظة تامة، وأخذ الوقت الكافي لرد الفعل المنطقي والعقلاني واتخاذ القرارات الصحيحة في أغلب الأوقات، كما أنه يعكس في جوهره مدى الثقة بالنفس والتعامل الجيد مع الأحداث والأشخاص، لذا فهو مصدر قوة وأمان لصاحبه. 

ولكن، لعلك تتساءل لماذا يظن البعض أن التسامح قد يكون ضعفًا؟ 

دعني أجيبك عزيزي بأن التسامح له حدود وضوابط دينية وأخلاقية وضمن إطار التقاليد واختلاف الأحوال والظروف، فضياع هذه الحدود يعني الرضا بالأذى والسماح للآخرين بالتقليل من شأنك والتدخل في أمورك، فيصبح التسامح عندئذٍ عذرًا للعجز والنقص والضعف النفسي والجسدي على حدٍ سواء. 

قوة التسامح

يعتبر التسامح من خصال الأقوياء والنبلاء لأنه ينبع من قوة اليقين والرغبة الصادقة في فعل الخير والصواب، فالشخص المتسامح لديه شخصية قوية يستخدمها لإحداث تغيير إيجابي في نفسه ومجتمعه، ويجب التنويه إلى أن التسامح الحقيقي يكون من داخل الإنسان وخارجه فلا هو يكبت مشاعره ويصمت وفي قلبه غل وحقد على غيره، وإنما يسامح بثقة فلا يسيء الظن ويصبر ويحب الخير لغيره كما يحبه لنفسه. 

أهمية التسامح 

تبرز أهمية التسامح في الإطار الشخصي للشخص المتسامح وكذلك للآخرين من حوله في النقاط الآتية: 

  • تعزيز أواصر التفاهم والقبول للآخرين مهما اختلفت الآراء والأفكار. 
  • بناء علاقات اجتماعية وشخصية قوية تابعة من أسس وقيم نبيلة. 
  • التقليل من الشعور بالتوتر والقلق حيال المواقف المزعجة. 
  • التعامل الإيجابي في مختلف الأحوال والأحداث.
  • تحفيز الشعور بالسلام الداخلي والهدوء النفسي حتى في أصعب الأوقات. 
  • نبذ مشاعر الكره والضغينة تجاه الآخرين. 

التسامح والتأمل

يحتاج التسامح إلى عزيمة وإرادة قوية ونفس طيبة وهذا دليل أيضًا على أنه مصدر قوة، ولتعزيز هذه المشاعر لا بد من التمرّس عليها بانتظام واستمرار، وأفضل الطرق لذلك هو ممارسة تقنيات التأمل المتنوعة؛ فالتأمل يساعد على تعزيز التسامح والتعاطف مع النفس ومع الآخرين. 

يقوم التأمل بجميع أشكاله من تقنيات التنفس المختلفة واليوجا وتمارين اليقظة الذهنية وغيرها على تحقيق الاسترخاء والهدوء، وتقبل المشاعر والأفكار السلبية وتجاوزها بشكل صحي وسليم وهذا بدوره يحفز المشاعر الإيجابية والتسامح والشعور بالامتنان للنفس، كما أنه يعزّز الوعي الذاتي وفهم النفس جيدًا ومعرفة نقاط القوة والضعف والعمل على إصلاحها وتحسينها.